! Iran … an Educational step backwards
في ظل واقعِ الحكم الإيراني المُستمر منذ
انطلاق الجمهورية الإسلامية مع ثورة العام 1978، والمُتابعون من الخارج لِمَسار
الحكم هناك، من مفكرين وسياسيين، ينقسمُون إلى فئتين، أولى داعمة للحكم وثانية
منتقدة له.
فالفئة لأولى تعتبر
أنّ إيران انتقلت مع الثورة من الحكم الديكتاتوري إلى حكم النظام الاسلامي
الديمقراطي، وتدافع هذه الفئة عن ديمقراطية النظام بأمثلة أهمها وُصول السيد محمد
خاتمي المُعارض في العام 1997 إلى سدّة الرئاسة، والذي تعتبره بالنسبة لها دليلاً
قاطعاً على وجود ديمقراطية لا لبس فيها في إيران، كما تدعم هذه الفئة النظام
الإيراني على خلفية دوره وسياسته الداعمة لخط المواجهة الذي رسمته الجمهورية
الاسلامية لنفسها بعد الثورة كعدوة أولى لإسرائيل- الكيان الغاصب لفلسطين.
بينما تعتبر فئة ثانية
أنّ الثورة انطلقت في ايران في العام 1978 بتكاتف مُختلف شرائح المجتمع الايراني
الرافض للحكم الديكتاتوري، ثم تحولت بعدها إلى حكم آحادي فرضه الاسلاميون بعد
إقصاء القوى العلمانية الحيّة عن الحكم، وتَعتبِر هذه الفئة أن الجمهورية
الإيرانية هي جمهورية برأسين، رأس ديني مُتمثل بحكم المرشد العام للجمهورية
الاسلامية والذي تناط
به مسؤولية الاشراف على السياسات العامة في الدولة كما يتولى قيادة القوات المسلحة
والاستخبارت، ورأس مدني (ذو صلاحيات محدودة)
مُتمثل برئيس الجمهورية والحكومة، وبناءً على ذلك، تستنتج هذه الفئة بأن
الديمقراطية في إيران ليست ديمقراطية حقيقية.
اليوم، يطفوا على
السطح في إيران مشهدٌ جديد يستأهل البحث والتحليل، يتمثل بقرار الدولة منع النساء من الدراسة
في حوالي 80 اختصاصاً جامعياً، وقد بدأ تطبيق هذا القرار اليوم، وأعلنت 36 جامعة إيرانية أنها لن تقبل الطالبات في
العام الدراسي المقبل. ومن ناحيتها
أعلنت منظمات نسائية إيرانية أن القرار سيخفض نسبة الطالبات في الجامعات الإيرانية بواقع
65 بالمئة.
وقد زاد من
التوتر ما جرى تداوله بأن أحد أهداف
المنع هو تمادي النشاط النسائي السياسي المُعارض لنظام الحكم في الجامعات، فضلاً
عن المعلومات في هذا الصدد التي أشارت إلى أن القرار
الإيراني الجديد جاء بسبب ضغوطٍ من رجال دينٍ إيرانيين.
لا بد من الذكر هنا أن
إيران هي من أولى الدول في الشرق الأوسط التي سمحت للنساء بالالتحاق بالجامعات.
لا شك في أنّ هذه
الخطوة تعتبر – على الصعيد التربوي والثقافي والسياسي – خطوة كبيرة إلى
الوراء، لا يمكن لأحد الدفاع عنها بأي شكل من الأشكال، لأنها بمنظور كل مدافع عن
الحريات وحقوق الانسان، خطوة تُعمّق التمييز بين المرأة والرجل.
كما من شأن هذه الخطوة
أن تزيد من الفرز السياسي الموجود في إيران بين الاسلاميين والمعارضة، وربما تشكل
– في مكان ما – مُنعطفاً خطراً وحاسماً على طريق المواجهة بين التيارين السياسيين
الكبيرين في إيران وفي الصراع المشتعل على السلطة.
من الواضح، وللأسف، أن
امكانية اندلاع اعتراضات شعبية داخل إيران بسبب هذا القرار، قد يفرض نفسه بقوة –
ليس داخل ايران فحسب – بل أيضاً على الساحة الإقليمية والشرق
أوسطية المتأزمة أصلاً، التي ما عادت تحتمل توترات إضافية، والتي عاد فيها بركانها
لينفجر مُطلقاً حممه المُلتهبة يميناً ويساراً بمشهدٍ يمكن متابعة بدايته، لكن من
المستحيل تقدير نهايته أو هول نتائجه!
باسل عبدالله
22/9/2012