الخميس، 21 نوفمبر 2013

تضامن على مين؟

اليوم 21/11/2013، سكّروا بوابات الدوائر ببعبدا على الساعة 11، ووقفوا الدرك على البوابات وضهَّرُوا الناس لبرا، ووقفت هالناس على البوابات ... وكبرت العجقة، بانتظار تمرق ساعة أو أكتر تضامناً مع شهداء السفارة الإيرانية.
التضامن واجب، لأنو الناس الفقرا عم تموت، بس تضامن شو هيدا يلي بِكون على المواطن مش مع المواطن،
المقصود إنو إذا دولة بدها تتضامن مُفترض تنكّس العلم اللبناني بكل الوزارات وبالقصر الجمهوري والمحافظات الخ ... أو إذا في مهرجان معين محدد سلفاً، ممكن تلغيه أو تأجله أو مثلاً يلتزموا الوزراء يُوقفوا عشر دقايق صمت بس (ما بدنا أكتر) تضامناً مع حياة المواطن (مش لأنو السياسيين أصل المشكل... لا ما هيك قصدي... لإنو هني ممثلين الدولة يلي عم تتضامن مع الشعب بس).
بس شو قلو طعمة هيدا التضامن يلي عا حساب الناس وتعب الناس وهلاك الناس؟
إنو واحد معطل شغله من هالمواطنين العاديين وطالع على دوائر بالدولة يقضي حاجتو، وعم يحاول يمشي شغلته، فجأة بقلولوه: في تضامن خيي، بدك تنطر ساعة عالباب - هيك بس - لإنو دولتك ما بتعرف تتضامن إلا بواسطك وعبرك وعا حسابك.
يا دولتنا،
هيدا ما بسموه تضامن "مع الناس"، هيدا بسموه تضامن "على الناس"، يعني تضامن بالمقلوب!
التضامن مع الناس عنده أصوله، وأول أصوله إنو ما يحرق دين الناس أكتر وأكتر،
في حال بدو يتعِّب هالتضامن حدا، خلي يتعِّب الحاكمين بأمور الناس، بس الناس لأ، وإلا ما بيعود "تضامن"، بصير "تآمر"!
ما ينفهم كلامي إني ضد التضامن، بالعكس، أنا أول واحد مع التضامن، لأن الإنسان بلبنان هو دائماً الضحية، حياته ومعيشته وصحته وتطوره بقلب المجتمع هِنّي دائماً الضحية لمصالح لكبار، بس بالمستقبل يا جماعة فيكن تستعملوا وسائل ما بتعذب الناس العاديين.. التعبانين... التلفانين... المعترين!
بدكم تضامن؟؟؟ .. طيب، فيكن تلغوا مهرجان صرلها تمارينه يومين مسكرا طرقات البلد... فيكن تنكسوا أعلام هالبلد يلي ما عاد بلد عن الوزارات والدوائر ويلي بدكن ياه... فيكن تحطوا أكاليل ليوم الأكاليل، ... فيكن تعتبروا اليوم يوم عطلة، ساعتها بيعرف حاله الواحد من الأساس إنو ضهرا من البيت ما في .... بس ابعدوا عن لقمة عيش المواطن المتوسط الدخل والفقير، لأنو المواطن المتوسط الدخل والفقير بلبنان قرفان، وكل ما حضراتكم تعملوا حسابات اقليمية ودولية .. وتأخروا تشكيل حكومة .. وتتواجهوا عالمنابر وتعملوا عنتريات، عم يتأكد هيدا المواطن إنو نتيجة العنتريات تبعكم رح تطلع دايماً براسه، لأنو فشة الخلق عا طول بتطلع فيه، من زمان وجايي، وهو عا طول الضحية.
ماشي الحال،
وقفت العالم ونطرت، وبعد شوي بتفوت،
ماشي الحال، كرمال موت الناس بس... انتبهوا موت الناس المعترين بس... ما رح تفرق وقفة ساعة وساعتين وتلاتة على الناس المعترين متلهم....
بس الفكرة، إنو عقبال ما هالبلد يلي ماشي بالمقلوب يصير يوماً ما بلد ماشي جالس ... وبكل شي، مش بس بالشكليات ...لأ،  بالأساسيات كمان.
لأنه الدور جايي عا كل الناس، والموت عم يلوح بالأفق، والوطن مريض بغرفة العمليات... ويلي عم يعالجوه مخرّجين من أهم جامعات عالمية، بس بغير اختصاص الطب، وبخصوص نتيجة معالجتهم لحياة هالوطن، ... فهمكم كفاية !
باسل عبدالله

21/11/2013

السبت، 14 سبتمبر 2013

المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بين حلم أوسلو والآمال المفقودة

عشرون سنةً مرت على المُصافحة الشهيرة بين ياسر عرفات واسحاق رابين برعاية أميركية يوم توقيع اتفاقية أوسلو التي شرّعت الحكم الذاتي للسلطة الوطنية الفلسطينية.

عشرون سنةً مرت ولم تتحقق أي من المطالب الخمسة الأساسيّة للشعب الفلسطيني.

- فلا سلطة الحكم الذاتي الفلسطينيّة تمكنت من بسط سلطتها على أراضي الحكم الذاتي، وإسرائيل ما زالت تحتفظ بالسيطرة الكاملة على 61 % من مساحة الضفة الغربية.

- والشعب الفلسطيني ما زال رهين السلطة الإسرائيلية وفي قبضة "الإذن الإسرائيلي" في تنقلاته داخل وخارج حدود حكمه الذاتي.

- والمستوطنات ما زالت تقضم الأراضي والقرى الفلسطينية دون أي رادع.

- والقدس ما زالت تحت السيطرة العسكرية والسياسيّة الإسرائيليّة.

- واللاجئون ما زالوا مُشتتين في البلاد العربية ينتظرون حق العودة.

***

لا شك بأنّ إسرائيل لم تكن بالجديّة للسماح للسلطة الفلسطينيّة بتحقيق مكاسب حقيقية، خاصة مع وصول بن يمين ناتنياهو إلى الحكم بعد اغتيال رابين، ولا شك أنّ الولايات المتحدة بذلت جهوداً كبيرة لفرض تنازلات على الجهة الفلسطينيّة، غير أنّ إتفاقيّة أوسلو مثلت في مضمونها مُغامرة فلسطينيّة معروفة النتائج، لم تتمكن، رغم وجود القائد التاريخي للثورة الفلسطينية - ياسر عرفات - على رأسها ، من فك الحصار عن الشعب الفلسطيني أو تحقيق أي تغيير في واقعه المُتردِّي، خاصة أنّ عرفات فضّل السير بهذه المفاوضات مُنفرداً في ظل تشتت العالم عربي غير القادر على دعمه.

بالنتيجة بقيَت الحقيقة هي هي : ظهرت إتفاقيّة أوسلو كحدث اعلامي تاريخي كبير أسّس للاعتراف بالدولة الفلسطينيّة، لكنّ السلطة الفلسطينية بقيت "سلطة وهميّة صورية" فقدت مع الأيام ثقة الشعب الفلسطيني.

***

تتجدد اليوم المفاوضات "المُغامرة" بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين، ويُحاول الشباب الفلسطيني الإعتراض على طريقتهم على هذه المفاوضات من خلال إطلاق تظاهرات فايسبوكيّة تعبّر عن قناعة هؤلاء بضعف السلطة الفلسطينيّة وعدم قدرتها على دخول مفاوضات جديدة خاسرة سلفاً، ففـُرص نجاح  هذه المفاوضات الجديدة معدومة بنظرهم في ظل سقوط جميع الأوراق التي يمكن التعويل عليها لتحقيق مكسب جدِّي في أي من المطالب التاريخية الخمسة للفلسطينيين.
لقد أدى انهيار اتفاقية أوسلو إلى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وقد يكون الشعب الفلسطيني اليوم في ظل مفاوضات غير متوازنة، بحاجة إلى انتفاضة جديدة هي أمله الوحيد في اختراق هذا الأفق البعيد والمسدود، الذي يحتاج إلى فرض أوراق فلسطينية جديدة على طاولة جديدة للمفاوضات.
باسل عبدالله
14/9/2013

الخميس، 22 أغسطس 2013

المدينة الفاضلة في جمهوريّة حزب الله
















بعد إنفجار السيارة المُفخّخة الأسبوع الماضي في الضاحية الجنوبيّة من بيروت، والذي راح ضحيته 25 شهيداً وما يزيد عن 300 جريح، سارع حزب الله إلى تكثيف إجراءاته الأمنيّة وحواجزه في الضاحية، مُحاولاً تدارك أي عمل إجرامي جديد قد يُهدد أمن الضاحية وسُكّانها الذين يَدين مُعظمهم بالولاء لهذا الحزب.

***

يبدأ تطبيق هذا القرار على أرض الواقع، وتصل أنت إلى أحد مداخل الضاحية ليلاً أو نهاراً من إحدى جهاتها الشرقية أو الغربية بغرض التبضع أو زيارة أحد الأقرباء، غير مُتنبِّهٍ لما ينتظرك.

نعم، وتقع في الزحمة.

تصطدم أولاً بأول حواجز حزب الله الأمنيّة. تقف في طابور من السيارات بانتظار المرور.

بعد قليل يستقبلك أفراد الحاجز بالترحاب "تفضل"، ثم "ما تواخذنا"، يُرسلون بك إلى صف التفتيش، مثلك مثل جميع السيارات التي تسعى المُرور.

تنتظر أنتَ مثلهم دورك في تفتيش السيارة.

صندوق السيارة الخلفي، ثمّ الأمامي، وأحياناً الأبواب ... والهوية عند الضرورة. ثم يستودعُونك السلام، نعم، وبكل أدبٍ واحترام، يقولون لك "الله معك، ما تواخذنا"، حتى أنّك تجد رَجلين من رجال الحاجز عند نهايته، يُرافقان إبتعاد السيارة عن الحاجز بابتسامةٍ مُحِبّة وضربة على الصدر تـُحييك (على الطريقة الشيعيّة المؤمنة) تحيّة طيبة على شكل أسف واعتذار من الإزعاج الذي سبّبه لك الحاجز لضرورات أمنيّة.

"والله أوادم هالشباب"، هذا أول ما تقوله في نفسك، وتشعر بأنك أخطأت بأنك لم تُفرج لهم عن ابتسامتكَ أول ما وصلت... "كتِّر خيرهم والله".

***

لا شك في أنّ هذا المشهد الذي يُواجهه كثيرٌ من الناس من أبناء وغير أبناء الضاحية أثناء دخولهم الضاحية، يترك لديهم انطباعات وهواجس، أو بالأحرى بالحد الأدنى مُلاحظات ثلاث لا يمكن تجاهلها بتاتاً مهما كان انتماؤهم الطائفي أو توجُهُهم السياسي:

أول ملاحظة هي أنّ الوضع في بلدك وفي المنطقة التي تسير فيها خطر للغاية، وبالتالي هنالك حاجة لهذه الإجراءات الأمنيّة غير المسبوقة. وتستنتج بشكل مباشر بأنّ شباب الحاجز يقومون بواجب يُخفف لا شك من حالة القلق والخوف التي تـُسيطر على منطقة الضاحية وعليك، وتقول في نفسك: "والله يعطيهم العافية"، ... رغم أنّك تستدرك فجأة بعد أن تلمع في ذهنك إحدى تلك الأفكار الغريبة : "ماذا لو قرر أحد الإنتحاريين تفجير نفسه في زحمة الحاجز، وعندها عواض بسلامتك عليك وعلى غيرك!"، لكنك بعدها تتعمَّد استبعاد هذه الفكرة لهولها.

ثاني ملاحظة هي تنبهك إلى أنّك لا شك دخلت أسوار "جمهورية حزب الله" بما تتمتع به هذه الجمهوريّة من نظام أمني خاص مُميّز، وتتخيل السيد حسن نصرالله رئيس هذه الجمهوريّة، وهنا يختلف المزاج في التقييم بين مُؤيِّد ومُعارض لحزب الله، وبين مُؤيّد للمقاومة من جماهير الحزب ومُؤيِّد لها من غير جماهيره. لكن جميع هؤلاء (وتحديداً مِن أولئكَ الذين سبق لهم أن عايشوا الحرب الأهليّة) يَستعيدُون، ولو لِوَهلة، تاريخَ سيطرَت ميليشيات الأمر الواقع على مَساحات خاصة بهم في المناطق اللبنانيّة خلال الحرب الأهليّة في لبنان.

ثالث ملاحظة، وهي ملاحظة استدراكيّة، تستوقفك لتُعلمك أنّ هذه "الجمهوريّة" تختلف في مكان ما عن كانتونات الميليشيات زمن الحرب. ويأخذك خيالك الواسع لتُشبِّهها فجأة بالمدينة الفاضلة، لجهة الطريقة المُميّزة التي يُعامل بها أفراد الحواجز المُواطنين، فتتمنى في لحظة لو كانت حواجز الدولة (أي الجيش والأمن الداخلي) تُمارس هذا "التدليل" الذي يُمارسه عناصر حزب الله للناس على حواجز مداخل الضاحية. ثمّ تتنبّه أن عدد المُتفرغين للمُراقبة على هذه الحواجز كبير، ليلاً ونهاراً، فتتوقع أنّك لا بد تشرفت على الحاجز بِمُقابلة عدد من الشباب المُقاوم الذي قد يكون سبق له أن رابض على الحدود الجنوبيّة للوطن لسنوات طوال، ومنهم من واجه إسرائيل في مواقع عديدة وحاربها في حرب 1996 وفي حرب تموز 2006... فتقول "يا اللللله!"، مُحاولاً النظر إلى الجزء الملآن من الكُوب، وتعتبر أن هنالك فارقاً إيجابياً كبيراً بين هذه الميليشية ... عفواً، أقصد أفراد حواجز الضاحية، ... وميليشيات الحرب اللبنانيّة... فتتنفس نفساً عميقاً وترتاح.

***

بعد كل ذلك، تصل إلى مكانك المقصود في قلب الضاحية، فتركن سيارتك وتضع الورقة التي تحمل رقم هاتفك فوق المقود تحت الزُجاج الأمامي، وتُلقي نظرة سريعة إلى داخل سيارتك لتتأكد أن ليس فيها أغراضاً قد تُثير المخاوف أو الشبه بسيارتك ... وتُتابع سيرك بسلام إلى المكان الذي قصدته.

ولكن،

بعد لحظات من حالة الرضا هذه،

يتشوش تفكيرك من جديد ...

وتشعر بتشنج في الأعصاب وبضياع يتناولان كل ما يدور حولك في وطنك وحياتك ومُواطنيتك وحريتك وسلامتك ومستقبلك ومصيرك... تشعر وكأن الشيطان لعب بعقلك، فتتلفظ عبارة: "كس إخت هل بلد!" لتـُعَبِّر عن قرفك ويأسك من وضعك المُتأزم في وطنك.

لكن ذلك لا يطول،

فبعدها .................

وببساطة،

وبسرعة قياسيّة .................

تعود لتسترخي من جديد،

وينتهي الأمر عند هذا الحد.

***

باسل عبدالله

22/8/2013

الخميس، 15 أغسطس 2013

إكتظاظ بشري مُمِل !!



تَجري نملةٌ خلف أخرى في خط سيرٍ مُحدّد ومُعقّد وطويل، تبحثُ على دربه عن قُوتها اليومي ومُونَتِها السنويّة. ويَفرضُ مُجتمع الحشرات هذا، بِمَساره، نظامَ حياةٍ جميل ومُمِل في آن... نُراقبه باهتمام وإمعان...

نُعلن لأنفسنا: "إنه مُجرّد مُجتمع حَشرات لا غير، يُطبِّق بدقة وإتقان عاليين غريزته بدون تفكير".

نتعجب، بادئ ذي بدء، من هذا المشهد، ثمّ نعتاد عليه، ونصل في النهاية إلى الشفقة أو الاستهزاء بهذا التكرار المُمِل ... وبهذه الدوامة التي لا تنتهي!

***

ولكن بعيداً عن ذلك، ما مِن مُشكلة، نعم ما مِن مُشكلة، فنحنُ كبشر نعشقُ التجدُّد والتطور، وكلٌ مِنا - أي كل فرد - يعتبر نفسه مُميّزاً وله خصوصيته الإنسانية في نظر نفسه، ونظر الطبيعة، ونظر الكون، ونظر الله.
نعم، ونُصِرُّ على هذا التوصيف الإنساني.

***

فجأةً ومع مُرور الزمن وتوالي الأيام، يَحضُر التطور التكنولوجي أمامنا، ليطلب منا التوقف عن هذا "الفخر الإنساني بالنفس" الغبي، ويعرض علينا أن نَتَسَمّر أمام شاشات التلفاز ومواقع الإنترنت، لنَشهد بوعينا الكامل حقيقة ما يدور حولنا مِن أحداث تُفيد بِشكل لا يقبل الشك أنّ ما يُميزنا كأفراد، هو مُجرّد هراء، فمِثلنا في هذا العالم مثل مليارات الناس والحيوانات والحشرات والطيور والأسماك والنباتات، مِمَن مَرُّوا أو يَمُرون الآن أو سيَمُرون غداً على هذه الأرض!

إنه إكتظاظ بَشري بكل ما للكلمة من معنى، ... اكتظاظ يفرضُ نفسه ليُعلن أننا لا نُساوي شيئاً في حركة هذا التاريخ بأحداثه المُتلاحقة، وبالتالي في حركة هذا العالم.

نحن مُجرد مُنتجات مُتكرِّرة تَحكُمها الغريزة، رغم ما نتذرّع بأننا نحمله من عقول!

***

جرّاء ذلك، ندخل كمجتمع بشري في حالة اضطراب عصبي ونفسي.

نضطرب حين نكتشف أنّ كل ما يدور حولنا في مُجتمعنا البشري لا يُشكل سوى حالة مُماثلة لمجتمع النمل الذي سَبَق واستهزأنا به، ولكن على شكل أكبر حجماً.

نضطرب لمُجرد أن نتخيّل أننا قد نكون في نظر النجوم مثلاً، مجموعة حشرات تُمارس غريزتها، ولا تستحق من النجوم سوى الشفقة أو الاستهزاء بها!



***

هو مزيجٌ من تطور في الوعي والمعلومات لدينا.

التكنولوجية تُؤكد لكل فرد منّا بأنه ليس بمُمَيّز عن أحد، بل هو واحدٌ من بين مليارات المُتنفسين هواءَ هذا العالم!

نعم، وتتعَقّد الأمور مِن منظار "لا وعينا"، ... هو شعورٌ يأخذ بهذا "اللا وعي" إلى الإحباط، ولا ينتج عن هذا الاحباط سوى الملل. والملل يتقاطع مع شعور آخر بـ"القلق على المصير"، فنتساءل:

هل جميعنا ينتظر مصيراً واحداً لا غير؟

هل نحن فعلاً لسنا سوى حالة اكتظاظ ضروريّة لاستمرار الشكل المُمِل لهذا العالم؟

هل نحن في نفس مَوقع تلك المخلوقات الصغيرة التي ننظر إليها نظرة استهزاء؟

وأسئلة كثيرة أخرى .....................

وعيُنا الجماعي يأخذنا  إلى حالة موت سريري، بانتظار لحظة الرحمة !!

فرجاءً، وإلى ذلك الحين ... توخّوا الحذر وأنتم تمُرُّون على هذه الأرض، فقد تدوسون في لحظة ما حضارة أحد أنواع حشرات مُجتمعات هذا العالم. وقد يكون هذا المُجتمع الذي دُستم عليه باستهزاء، المُجسّم الصغير وليس الأصغر، من مجتمعكم الكبير وليس الأكبر، الذي قد يأتي مَن يدوس عليه أيضاً باستهزاء، من المخلوقات الكونيّة المرئيّة أوغير المرئيّة الأكبر!!



***

باسل عبدالله
15/8/2013

الجمعة، 26 يوليو 2013

المواطن والتمديد



على خلفيّة ذرائع ومُبررات لا تنتهي قرروا التمديد لمجلس النواب، أعلنوا لنا: الظروف غير طبيعية - الأخطار مُحدقة - التوتر الأمني كبير، وكأنّ وطننا كان ينعم بالهدوء والسكينة قبل الآن.

نعم، تذكرُوا الآن أنّ "الحالة تعبانة" في لبنان، مُتناسين أنّ مُناكفاتهم وحُروبهم الداخلية واصطفافهم هو سبب هذه الحالة!

ورغم أنّ أصواتنا بُحَّت منذ سنوات ونحن نطالب بأن يُسرعوا قبل فوات الأوان في اعتماد قانون جديد حديث نسبي غير مُطيّف للإنتخابات على صعيد دوائر كبرى، وقدّمنا في هذا الإطار اقتراحات بذلك إلى وزارة الداخليّة، غير أنّ نوّابنا الكرام لم يبالوا، وماطلوا .. وماطلوا.. حتى خيّرونا في النهاية، بين أن نَقبل قانون الستين الأكثري كما هو، أو أن نرضخ لقانون أكثر طائفية جديد هو قانون اللقاء الأورثودكسي.

وعندما تفاقمت الأمور وتضاعف التوتر، أفرجوا لنا عن بدعة تأجيل الإنتخابات ومَددوا لأنفسهم سنة ونصف السنة.

قرروا التمديد لأن "الظروف الإستثنائية" و"الوضع الأمني" مُتدهور. 

تناسوا ما يطلقونه من شعارات عن نواياهم بتقديم قوانين إصلاحيّة، وتفرغوا لمتابعة وانتظار تطورات الوضع الإقليمي وما سينجم عنه من تأثيرات مباشرة على مُستقبل مصالحهم الخاصة في لبنان. ففي دول العالم الثالث، لا مكان للتقدم والتحديث، ولا مكان للقوانين التطويرية للمجتمع، الساحة هي دائماً ملك القبائل وأعرافهم.

طعنَ رئيس الجمهورية ميشال سليمان والتكتل الوطني الحر في التمديد مُستندين إلى:

- رفض ذريعة الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان ورفض وصفها بالقوة القاهرة، ذلك أن لبنان لا يشهد حرباً مُدمرة على أراضيه .

- مخالفة المادة 42 من الدستور التي تُوجب إجراء الانتخابات النيابية حتماً قبل انتهاء ولاية مجلس النواب. 

- مخالفة المادة 27 من الدستور التي تنص على أن عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز أن تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه، ما يعني بأن ما يربط النائب بالشعب هو توكيل مُحرر من أي قيد أو شرط، ويجب على النائب التقيد بأجل الوكالة عند منحها.

- مخالفة مبدأ تداول السلطة والدورية في ممارسة الشعب لحقه في اختيار ممثليه، فلكل مواطن حق الاشتراك اقتراعاً وترشيحاً في انتخابات دورية صحيحة نزيهة تجري على أساس الاقتراع العام المُتساوي السري، ولكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده.

كانت خيارات المجلس الدستوري القانونية في مسألة الطعنين المُقدّمين، إما إبطال القانون كلياً فيُرَد القانون بمجمله دون أن يُقدَّم بديلٌ له، وفي هذه الحالة تصبح السلطة التشريعية في مواجهة حالة الفراغ، أو أن يقدم المجلس الدستوري البديل أو خارطة طريق للبديل، أو أن يبطل المجلس الدستوري القانون جزئياً ويُقصِّر مدة التمديد.
لكن القبائل السياسية طوّقت القضاء أيضاً، وعُطّل المجلس الدستوري بعد أن انتهت المهلة المعطاة له بالبت بالطعنين، والسبب كان غياب ثلاثة أعضاء منه عن جلساته. وكرّس قانون التمديد للمجلس النيابي.

وكما في كل مرّة وقعَ المُواطن المَغضُوب على أمره ضحية مصالحهم السياسيّة وتحالفاتهم الإقليمية والدوليّة.

لم يأتوا لنا بجديد، بل قدموا لنا نفس الطبق المر الذي ما زلنا بأغلبنا في لبنان نتناوله بتلذذ ورضا، فأغلبنا فقد حاسة التزوق، وحتى حاسة الشم!

على أمل أن تعود للشعب حواسه ويستبدلهم ويستعيد حقوقه من جديد بحركة تمرّد لبنانيّة جديدة مُتماسكة أكثر من تحركاتنا وتجمعاتنا وتكتلاتنا الشبابيّة اللاطائفية السابقة.

باسل عبدالله

9/7/2013

الجمعة، 28 يونيو 2013

دوّامة الإحباط


















أحياناً .. تنقلب عندنا الأدوار،

نَكـُونُ على مشارف موقف مُحزن ومُزعج، 

... وبدل أن نبكي .. نجد أنفسنا نُطلق القهقهات !

نعم ... وتكرُّ الضحكة حتى تتحول إلى ما يشبه النواح ...

هو تعبير عن اختلاط كل شيء في منظار وعينا

تعبير عن تخبُّط مُتجدِّد يتملكنا رغماً عنّا

عن حالة نفسيّة مُتفاقمة تصفُ ضراوة حالتنا،

عن فقدان توازن يمنع عنا التركيز والمواجهة.

هي حالة مُرتبطة بقلقنا الدائم

... وقرفنا الدائم ...

وضياعنا في دوامة كل ما يدور حولنا !

راحة مفقودة اجتماعياً ...

راحة مفقودة اقتصادياً... صحياً... عائلياً... سياسياً... الخ ...

باختصار، كلما نُحاول بجهد أن نتقدم خطوة إلى الأمام، نجد مئات الأسباب والظروف والمُبررات لتعيدنا خطواتٍ إلى الوراء !

يتملكنا ضياعنا ... هذا الضياع المُتمكِّن

الذي لا مجال من أن ينتشلنا منه أحد.

نبحث بمواجهته فقط عن مُسكنات

ونضاعف الجرعات

ندمن على تناول ما يحفظ قدرتنا على تقبل ما يحيط بنا من مشاكل كثيرة، ببرادة متناهية...

نختلق لأنفسنا الأعذار

... نختلق المبررات لخضوعنا للأمر الواقع

ننتظر

وننتظر

ولكن... لا شيء

نعم ... لا شيء

لا أفق

... لا تطور

فقط شلل وتدهور

واختناق ... واختناق

... نتقهقر باحترام

على أمل أن تطرأ صدفة ما تُغير الواقع

تنتشلنا من غفوتنا ومن حالة التخدير التي تملّكت مع الأيام حواسنا ومشاعرنا وإراداتنا

على أمل أن نستردّ الروح

فتتحرك نبضات قلوبنا

ونعود إلى الحياة من جديد

لنحاول من جديد الثورة على ضعفنا ...

الثورة على انفصام شخصيات من يُحيطون بنا ...

الثورة على المُسكّنات التي أقسوا بها إراداتنا ...

.. نتسلل من الصدف

ومن هفوات من أرادوا لنا أن نكون كذلك

لنُحاول صنع التغيير

.. نتسلل من الصدف

ومن هفواتهم

لنفجر غضبنا بشكل مفيد

.. نتسلل من الصدف

ومن هفواتهم

لنشعل انتفاضتنا بوجه كل من يتعمَّد دائماً أن يُسقطنا في دوّامة الإحباط القاتلة!!



باسل عبدالله 28/6/2013