رابط المقالة على موقع جريدة النهار
باسل عبدالله- "تيار المجتمع المدني"
باسل عبدالله- "تيار المجتمع المدني"
28 شباط 2015 ا
كثُرت التحليلات والاستنتاجات
في الآونة الأخيرة في موضوع الزيجات المدنية المعقودة في لبنان، فبعضها شجّع وبارك
وبعضها الآخر حذّر ورفض.
وبمناسبة المسيرة المُقررة
يوم الأحد 1 آذار 2015 دفاعاً عن حق اللبنانيين في استرداد انتمائهم المُواطني وحق
المُتزوجين مدنياً في لبنان في تسلّم وثائق زيجاتهم، من المفيد توضيح ما يلي:
1- لكلِّ لبنانيَين جمعَهُما
الحب الحق الكامل بأن يعقدا زواجهما في لبنان وذلك مِن منطلق صفتهما كمُواطنَين، وهذا
الحقّ بالزواج المدني هو حقّ أساسي لا يخالفه أيّ تشريع، بل هو واجب على كل دولة ينصُّ
دستورها على المساواة بين أفراد المجتمع.
2- في ظل انشغال الطبقة السياسية
الحاكمة في لبنان بالظروف الاقليمية والدولية وفي مشاكلها الداخلية، تناست واجبها الأول
في ترسيخ انتماء المُواطنية لدى الأفراد في المجتمع، فما كان مِن بعض هؤلاء الأفراد
إلا أن بادروا إلى لعب هذا الدور عنها، بِتثبيت انتماء المواطنية مِن خلال خطوة عملية
تمثلت بتنظيمهم عقودَ زواجٍ مدنية قانونيّة سارية المفعول استناداً إلى القرار رقم
60 ل.ر. الصادر بتاريخ 13/3/1936، والمتعلق بنظام الطوائف الدينية في لبنان، والذي
نص في الفقرة الثانية من المادة العاشرة منه على أن يخضع اللبنانيون الذين لا ينتمون
لطائفة ما، للقانون المدني في الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، وهذا ما انطبق على
هؤلاء الأفراد بعد أن أزالوا الإشارة إلى الطائفة من سجلات نفوسهم.
3- ثُبِّتَ هذا الزواج بعد
أن أكدت هيئة الاستشارية العليا في وزارة العدل أن القانون اللبناني يعترف بالزواج
المدني المعقود في الخارج، وبالتالي فمن باب أولى أن يعترف بالزواج المدني المعقود
في لبنان وذلك تطبيقاً لحرية المعتقد المُكرسة في الدستور من جهة، ولعدم تشجيع فكرة
الالتفاف على القانون واللجوء إلى خارج لبنان لعقد زواج مدني من جهة ثانية، وأن إقرار
مبدأ الزواج المدني في لبنان من شأنه أن يُكرّس قاعدة مَفادها أن القضاء المدني هو
القضاء العادي المُختص في النزاعات الناشئة عن الزواج المدني، سواء عُقد في الخارج
أو في الداخل، وليس مِن حصرية للمحاكم الدينية لإبرام عقود الزواج في لبنان إلا في
المسائل التي تدخل في اختصاصها تحديداً.
4- إنّ عقود الزواج المدنيّ
على الأراضي اللبنانيّة عقود قانونيّة سارية المفعول إذن، من تاريخ توقيع هذه العقود
لدى الكاتب بالعدل، وليس شرطاً في شرعيّة الأحكام والعقود في هذا المجال وجود قانون
بإجراء تشريعيّ عاديّ. وقد أكدت هيئة الاستشارية العليا في وزارة العدل أيضاً، أنّ
الكاتب بالعدل هو المختص بتنظيم وتصديق عقد الزواج المدني لأنه زواج لا يمنعه القانون،
بل على العكس هو زواج تنص عليه الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القرار رقم 60
ل.ر.، ولذلك، وباعتباره من العقود التي لا يمنعها القانون، فهو مِن ضمن الأسناد الواردة
في المادة 22 من نظام كتابة العدل. وقد استنتجت بالتالي أن الكاتب العدل، في ظل التشريعات
الحالية هو المرجع الوحيد المختص لعقد الزواج المدني والتصديق عليه.
5- إنّ وزارة الداخليّة تمتنع
اليوم عن تسليم الأزواج المدنيّين وثائق زواجهم ووثائق ولادة أبنائهم مُخالفةً بذلك
الدستور الذي يحكم عملها في هذا المجال. فالزيجات المدنية المعقودة في لبنان لا تنتظر
توقيعاً أو تصديقاً من قبل وزير الداخلية والبلديات، كما قد يظن البعض، بل هي محتجزة
لديه، خارج مسارها الطبيعي ألا وهو قيام موظفي دوائر النفوس في وزارة الداخلية بنقل
البيانات وتحرير الوثائق (إخراجات القيد العائلية) وتسليمها إلى المتزوجين أصحاب العلاقة
عند الطلب.
6- إنّ إنكار حقّ اللبنانيّين
بالزواج المدنيّ على الأراضي اللبنانيّة وإعاقة حريّة اختيارهم له وعملهم به يُشكلان
خرقاً للدستور في مادتيه السابعة والتاسعة والبندين ب و ط، واللتين نصّتا على المساواة
التامّة بين اللبنانيّين، وعلى حريّة الاعتقاد المطلقة لهم، وعلى التزام دولتهم بشرعة
حقوق الإنسان وتجسيدها في شتّى المجالات دون استثناء، وعلى حقّ اللبنانيّ بالإقامة
على أيّ جزء من الأرض اللبنانيّة والتمتّع بما في تلك الإقامة من المزايا في ظلّ سيادة
القانون.
7- إنّ كلَّ راضٍ بما يجري
أو ساكتٍ عن هذا الخرق الدستوري بحجةِ واقع بلدنا الطائفي واستحالة التغيير فيه، هو
مُتنازلٌ حكماً، مهما كان موقعه، عن حقوق المُواطنين المدنية وقابلٌ بمنهج التمييز
الطائفي المُتفاقم الذي يطال الناس.
رفضاً لهذا المنهج في إدارة
البلاد من قبل الطبقة السياسية، قرر مُواطنون ومُواطنات الانطلاق في مسيرةٍ مدنية يوم
الأحد 1 آذار 2015، الساعة 12 ظهراً، مِن شارع "بليس" في الحمرا باتجاه وزارة
الداخلية والبلديات، ليُعلنوا مِن جديد تمسكهم بهوية المُواطنية وسعيهم لبناء دولتهم
المدنيّة، وليرفضوا كل سياسات التطييف والتصنيف التي تُفرض عليهم كلَّ يوم في وطنهم،
وآخرها مُحاولات وضع العوائق أمام تسليم المُواطنين المُتزوجين مدنياً في لبنان وثائق
زيجاتهم. هذا التحرك الضاغط يترافق مع خطوات مُتوازية أخرى على رأسها تقديم مُراجعة
أمام القضاء المختص لإستعادة حقوق المتزوجين مدنياً في لبنان مِمَّن سعى إلى تقييدها.