منذ سنوات رفعنا الصوت وتظاهرنا مُطالبين باعتماد النظام النسبي في
الانتخابات النيابيّة. وعندما طُرِحت النسبيّة جدياً على بساط البحث في مجلس
النواب هللنا لذلك. لكنّ التمني تحوّل إلى خيبة، والنظام النسبي الذي انتظرناه
طويلاً صار بسحر الطبقة السياسية الحاكمة نظاماً مُشوّه المضمون، مُرتّب على قياس
قوى الأمر الواقع.
انتظرنا أن يتخلص نظامنا السياسي من نظام أكثري شرّع المَحادل وثبّت احتكار
الطبقة السياسيّة الحاكمة للتمثيل السياسي في لبنان لسنوات طوال، ففُوجئنا بخدعة
نظام جديد، ضاعَ في دهاليز تعقيداته مُبتكروه، قبل أن نضيع بدورنا نحن!
لسنا بمُتشائمين، لكنّ نظام الانتخابات الجديد لا يمكن أن يُرضي القوى الطامحة إلى تطوير
النظام السياسي في لبنان من خلال
وضع قانون انتخاب حديث يعتمد نظام الاقتراع النسبي ما يُحقّق التمثيل الصحيح
للمواطنين.
فرضَ النظام الجديد عودة خطاب التجييش الطائفي إلى الواجهة،
كما فرضت شروط "الحاصل الانتخابي" و"الصوت التفضيلي"
و"الدوائر المُصغّرة" تفرّق حلفاء الأمس كلٌ في لائحته الخاصة، واجتماع
مُتنافسي الأمس في لوائح مُوحدة، فغابت المشاريع لصالح المصالح الضيقة والمنافسات
و"الحظوظ المفترضة للمرشحين"، وعمّ الهرج والمرج الساحة الانتخابيّة.
كما لو أن الطبقة السياسية في لبنان أرادت - ولو بشكل غير
مباشر- أن يطفح الكيل باللبنانيين من هذا النظام ويتمنوا الخلاص منه حتى قبل
تطبيقه!
تشهد الساحة الانتخابية اليوم عجقة مُرشحين، منهم جزء لا بأس به من
الناشطين المدنيين الرافضين للأمر الواقع والساعين إلى
التغيير، لكن حظوظ القوى المُعارضة للسلطة والمُرشحين المستقلين تبقى ضعيفة
في هذه الانتخابات، وإمكانية خرق هؤلاء تظل صعبة في ظل القانون الحاضر.
المسيرة مُستمرّة، سواء
حصلت الخروقات أم لم تحصل، والسعي سوف يتجدد بعد السادس من أيار لتصحيح التشويهات
التي اعترت قانوننا الانتخابي اليوم، عسى أن ننجح في فرض اعتماد النسبية الصحيحة
وباقي الإصلاحات في القانون الانتخابي اللاحق. فنحن لا
نملك سوى الإرادة والأمل
باسل عبدالله