الأحد، 4 نوفمبر 2012

إلى الشباب اللبناني اللاطائفي

To the non-sectarian Lebanese youth


رغم جميع ما يُثقل كاهل الشباب من هموم حياتية ومعيشية وسياسية ونفسية، خاصة وعامة،

ورغم اضطرار الشباب اللبناني من العائلات المتواضعة والفقيرة إلى إعطاء أولوية وقتهم لصالح التزاماتهم العائلية ودروسهم ووظائفهم،

ورغم حالة القرف واليأس من الواقع السياسي اللبناني، التي نحاول الهروب منها كل يوم، لكنها تلاحقنا في حياتنا الاجتماعية بين الناس وفي نشرات الأخبار والبرامج السياسية المفروضة علينا على مدار الساعة،

ورغم الاستهزاء الذي يصدر كل يوم وتتردد أصداؤه على مسامعنا من الأقارب والأصدقاء وأفراد هذا المجتمع، بأنّ ما نقوم به من نشاطات لا طائفية ومطالبات معيشية هو مضيعة للوقت ولن يفيد شيئاً في سعينا لتغيير واقعنا السياسي والاجتماعي الطائفي والمعيشي المُتردي على المدى القريب أو البعيد،

ورغم علم هؤلاء بمكمن الخلل، باعلانهم الدائم بأنّ الزعماء هم هم باقون، والسياسات هي هي باقية، والاصطفاف هو هو مُستمر ومُسيطر على أذهان الناس،

فهم بدل من أن يشجعوننا على ما نقوم به، نجدهم ينصحوننا بأنّ علينا أن نبحث عن المال والمال فقط في لبنان أو خارجه، لكي نتمكن من بناء مستقبل لنا في بلدنا، وأننا في حال رغبنا في متابعة انخراطنا في حركات أو جمعيات لا طائفية، فعلينا عندها أن نطالب بمقابل مادي لجهودنا، أو نحصل على التمويل والتمويل فقط لتنفيذ مشاريعنا من أي جهة اقليمية أو دولية، أو من أيٍ كان... مثلنا بذلك مثل غيرنا!  

***

رغم كل هذا الضغط الفكري والنفسي،

ورغم أننا ندرك أنّ عملنا التطوعي المجاني قد لا ينتج في القريب العاجل ولو جزءاً من آمالنا وتطلعاتنا على الصعيد السياسي والاجتماعي،

ولأننا نتردد، فنتوقف لدقائق ونفكر ملياً بجميع ما يرددوه على مسامعنا،

ولأننا عقلانيون، نفكر بكل ما يُطرح علينا،

نجد بوصلتنا تضيع للحظات، ونتنفس نفساً عميقاً ضروياً، نسترجع بعده من ذاكرتنا، تاريخ التقاتل والحروب على أرضنا وتاريخ الفساد المُطيّف في وطننا.

عندها تعود البوصلة إلى اتجاهها الأول الصحيح، فنستعيد ثقتنا بعملنا الانساني خارج المصالح، نحو المبادئ والقيم التي بدأنا لأجلها عملنا التطوعي بهدف بناء الدولة المدنية العلمانية.

ونتأكد مُجدداً أنّ نزاهتنا أنبل من المصالح التي يجب أن نهرول وراءها،

ونؤكد مجدداً أننا لا نسمح لأحد بأن يحارجنا بها أو يساومنا عليها.

وننطلق في مسيرتنا من جديد، بشجاعة أكبر وإرادة مَتينة ومُضاعفة، .. وبالقدر التطوعي الممكن ضمن الظروف الاجتماعية التي نعيشها،

ننطلق خارج ما يفرضونه من اقتراحات على مسامعنا.

ونتابع الطريق.

***

إلى الشباب اللبناني، الذي يعاني من جميع هذه الضغوط، وبدأ يشعر بأنه ينحاز لما تتضمنه بطريقة غير مباشرة، أو يشعر في ظل غياب البديل عن الواقع السياسي الحالي بأنه يظهر بنظر مَن حوله ساذجاً أو بسيطاً أو مأخوذاً بالأحلام لأنه متطوع بأهداف سامية خيالية بالنسبة للكثيرين:

دعوة إلى لحظة مُراجعة، وإلى نفس عميق، ثم تجديد انطلاقة، ومتابعة انخراط في العمل التطوعي المجاني، ولو ضمن الامكانيات المتواضعة والوقت المحدود الممكن.  

هي دعوة إلى متابعة المُراكمة في مسيرة الشباب اللاطائفي الناشط،

هي دعوة للتكاتف خارج التسييسات والاصطفافات،

فالنضال الحقيقي لا يبدأ إلا من الصفر، والمناضل الحقيقي لا ينتظر الظروف والامكانيات ليبدأ نضاله.

وإذا كان هنالك من أمل في التغيير في لبنان، فلن يُبنى إلا على الشباب المُتطوع الذي لا يسعى لمُقابل لقاء نضاله، ولا ينحاز بتحريض طائفي، ولا يتمترس على أولويات غير أولويات الناس المعيشية والحقوقية.

على هؤلاء يُبنى الأمل في المستقبل باختراق الواقع الطائفي وتغيير الواقع المعيشي المُتردّي وبناء الدولة المدنية..  ومعها بناء الفرد المواطن في المجتمع.

باسل عبدالله

4/11/2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق