لطالما حاولت البحث عن مغزى وجود شخصية الشيطان
في قصة الخلق والعوامل التي أدت إلى ارتداده عن طاعة الله وإغوائه الانسان في شخص
آدم. ولطالما أثارتني فكرة هذه الشخصية السلبية التي تحُضُّ على الشر وترفض
الاستسلام لعبادة الخالق والانصياع لأوامره.
وما توصلتُ إليه مع الأيام، هو الربط،
المختلف عن التصور العام السائد، بين سلوك الشيطان وسلوكيات بعض الأفراد الثائرين
على تقاليد مجتمعاتهم والرافضين تقديم الطاعة المطلقة لعادات المجتمعات التي
يعيشون فيها، تلك المجتمعات التي كثيراً ما ارتبطت بممارسات دينية أو قبائلية لا
يجوز تجاوزها تحت طائلة التكفير أو التخوين.
هذا الربط لم يأتي من منطلق سلبي إذن، بل جاء
الربط من منطلق وجه الشبه الذي يربط بين هؤلاء الأفراد الذين يمارسون حرية وجودهم
وبحثهم عن الارتقاء في مجتمعاتهم والشيطان!
فهل إذا كان هؤلاء "الثوار على التقاليد"
أحرارٌ يُحاولون بناء صورة أفضل لوجودهم في هذا العالم ولمجتمعاتهم فهم كالشيطان؟ وهل
أنّ شيطان ثائر؟ ومن أوجده في ثوبٍ ثوري رافض لطاعة الله؟
وهل يمكننا في مكان ما الربط بين فكرة
الشيطان المرتد على الله، وفكرة وجود أفراد "شياطين صغيرة" مُرتدون على
الممارسات الدينية الخاطئة في مجتمعاتهم؟
وبالتالي هل تُشكل فكرة الشيطان صمام الأمان الذي
يُبقي مَن نشأ داخل مجتمع خاضع لتقاليد قبلية أو دينية معينة رهينة هذه التعاليم التي
ربى عليها، وبالتالي هل يشكل له هذا الشيطان "الفزّاعة" التي تقمع مُيوله الثورية؟
في ظل الواقع الراهن، واختلاط الأوراق حول
معنى القيم والمبادئ والأخلاق والدين والتدين، وحول أساليب نشر الدين والمعتقد في
أذهان الناس، لا بد من إعادة قراءة المشهد والبحث عن الشياطين والملائكة، لكن من خلال منهج فكري ثوري بعيد عن أي خضوع أو طوعية!
باسل عبدالله
14/9/2014