على خلفيّة ذرائع ومُبررات لا تنتهي
قرروا التمديد لمجلس النواب، أعلنوا لنا: الظروف غير
طبيعية - الأخطار مُحدقة - التوتر الأمني كبير، وكأنّ وطننا كان ينعم بالهدوء
والسكينة قبل الآن.
نعم، تذكرُوا الآن أنّ "الحالة تعبانة" في لبنان، مُتناسين أنّ مُناكفاتهم وحُروبهم الداخلية واصطفافهم هو سبب هذه الحالة!
ورغم أنّ أصواتنا بُحَّت منذ سنوات ونحن نطالب بأن يُسرعوا قبل فوات الأوان في اعتماد قانون جديد حديث نسبي غير مُطيّف للإنتخابات على صعيد دوائر كبرى، وقدّمنا في هذا الإطار اقتراحات بذلك إلى وزارة الداخليّة، غير أنّ نوّابنا الكرام لم يبالوا، وماطلوا .. وماطلوا.. حتى خيّرونا في النهاية، بين أن نَقبل قانون الستين الأكثري كما هو، أو أن نرضخ لقانون أكثر طائفية جديد هو قانون اللقاء الأورثودكسي.
وعندما تفاقمت الأمور وتضاعف التوتر، أفرجوا لنا عن بدعة تأجيل الإنتخابات ومَددوا لأنفسهم سنة ونصف السنة.
قرروا التمديد لأن "الظروف الإستثنائية" و"الوضع الأمني" مُتدهور.
تناسوا ما يطلقونه من شعارات عن نواياهم بتقديم قوانين إصلاحيّة، وتفرغوا لمتابعة وانتظار تطورات الوضع الإقليمي وما سينجم عنه من تأثيرات مباشرة على مُستقبل مصالحهم الخاصة في لبنان. ففي دول العالم الثالث، لا مكان للتقدم والتحديث، ولا مكان للقوانين التطويرية للمجتمع، الساحة هي دائماً ملك القبائل وأعرافهم.
طعنَ رئيس الجمهورية ميشال سليمان والتكتل الوطني الحر في التمديد مُستندين إلى:
- رفض ذريعة الأوضاع السياسية والأمنية في لبنان ورفض
وصفها بالقوة القاهرة، ذلك أن لبنان لا يشهد حرباً مُدمرة على أراضيه .
- مخالفة المادة
42 من الدستور التي تُوجب إجراء الانتخابات النيابية حتماً قبل انتهاء ولاية مجلس
النواب.
- مخالفة
المادة 27 من الدستور التي تنص على أن عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز أن
تربط وكالته بقيد أو شرط من قبل منتخبيه، ما يعني بأن ما يربط النائب بالشعب هو
توكيل مُحرر من أي قيد أو شرط، ويجب على النائب التقيد بأجل الوكالة عند منحها.
- مخالفة مبدأ
تداول السلطة والدورية في ممارسة الشعب لحقه في اختيار ممثليه، فلكل مواطن حق الاشتراك
اقتراعاً وترشيحاً في انتخابات دورية صحيحة نزيهة تجري على أساس الاقتراع العام
المُتساوي السري، ولكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده.
كانت خيارات المجلس الدستوري القانونية
في مسألة الطعنين المُقدّمين، إما إبطال القانون كلياً فيُرَد القانون
بمجمله دون أن يُقدَّم بديلٌ له، وفي هذه الحالة تصبح السلطة التشريعية في مواجهة
حالة الفراغ، أو أن يقدم المجلس الدستوري البديل أو خارطة طريق للبديل، أو أن يبطل
المجلس الدستوري القانون جزئياً ويُقصِّر مدة التمديد.
لكن
القبائل السياسية طوّقت القضاء أيضاً، وعُطّل المجلس الدستوري بعد أن انتهت المهلة
المعطاة له بالبت بالطعنين، والسبب كان غياب ثلاثة أعضاء منه عن جلساته. وكرّس
قانون التمديد للمجلس النيابي.
وكما
في كل مرّة وقعَ المُواطن المَغضُوب على أمره ضحية مصالحهم السياسيّة وتحالفاتهم
الإقليمية والدوليّة.
لم
يأتوا لنا بجديد، بل قدموا لنا نفس الطبق المر الذي ما زلنا بأغلبنا في لبنان
نتناوله بتلذذ ورضا، فأغلبنا فقد حاسة التزوق، وحتى حاسة الشم!
على
أمل أن تعود للشعب حواسه ويستبدلهم ويستعيد حقوقه من جديد بحركة تمرّد لبنانيّة
جديدة مُتماسكة أكثر من تحركاتنا وتجمعاتنا وتكتلاتنا الشبابيّة اللاطائفية
السابقة.
باسل عبدالله
9/7/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق